يقول الأمين العام لحلف الناتو: “إن الحرب في أوكرانيا قد تستمر لسنوات”.
ويقول القائد الجديد للجيش البريطاني: يجب “ضرورة الاستعداد لمواجهة روسيا في حرب عالمية ثالثة محتملة. ويتعين على القوات البريطانية الشجاعة والاستعداد للقتال في أوروبا مرة أخرى”.
ويقول رئيس أوكرانيا: “إن روسيا تستعد لدخول الحرب في دول أوربية أخرى”. فروسيا تريد استعادة المجد السوفيتي القديم، وترى ذلك ضرورة وجودية لها.
والاقتصاد العالمي: يتجه نحو “الركود التضخمي”.. أي: ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة، وفي نفس الوقت حصول ركود في حركة الاقتصاد وزيادة البطالة، وهي ضربة مزدوجة، إضافة إلى تبخر الأصول الوهمية في البورصات العالمية، واضطراب حركة سلاسل الإمداد بعد أزمة كورونا، والديون العالمية، وهشاشة الاقتصاد العالمي القائم على “الربا والسحت”، وضعف وشيخوخة الولايات المتحدة الأمريكية التي تلقت ضربة مزدوجة من “ترامب وبايدن” فكل منهما لم يكن على قدر المسؤولية التي تحتاجها دولة مثل أمريكا. إضافة إلى أزمة لجوء عالمية تخطت (100) مليون لاجئ، وتفاقم أزمتي الغذاء والطاقة.
والنظام الدولي يتجه إلى إعادة التشكيل، فقد بلغ مرحلة الشيخوخة والموت، فكما الأفراد تموت.. فالحضارات والدول والأمم تشيخ وتموت، وقد يحصل الانفجار الاجتماعي والثورات نتيجة الانهيار الاقتصادي، وإعادة تشكيل النظام الدولي قد يعني الدخول في حرب عالمية، من نتائجها يتشكل النظام الجديد حسب مبدأ: “المنتصر والأقوى يَسود ويَتحكم، والمنهزم يَذل ويَخزى” فليس فيه من حق أو عدل، وكيف يُطلب أو يُنتظر منه ذلك، وهو منقطع الصلة بالله، يُتابع خطة الشيطان في تحقيق “الفقر والفحشاء” للبشرية؟!
ووتيرة وسرعة التغيير تتم حسب قدر الله وسننه العاملة في الحياة، وعلى قدر طبيعة التدافع بين البشر.
عالمنا العربي والإسلامي: في أضعف حالته ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ فهو مُستَعبد من عصابات مافيا ولصوص تتسلط عليه وتتحكم فيه، وتسرق كافة ثرواته! وتُسلمه لأعدى أعدائه.. وتبيع له ـ بثمن بخس ـ مقدرات البلاد والعباد! ونسأل الله أن لا يكون وقود هذه المعارك، ولا هو أول ضحاياها.
وفي مثل هذه الظروف، نُذكر أنفسنا:
ـ بالعودة إلى الله، ومشاهدة سنن الله وهي تعمل في الأرض، وتذكر حقيقة الفناء التي كتبها الله على هذا الوجود، والتزام التقوى التي هي زاد المؤمن في كل زمان ومكان وحال.
ـ الاقتصاد في الإنفاق والمعيشة، وهو أمر مأمور به المسلم في السراء والضراء والعسر واليسر، ويتعين أكثر مع وجود الأزمات.
ـ أفضل الأصول للأفراد لحفظ المال هي: الذهب، والعقارات.. وكل حسب وضعه وظروفه. ولكن لا يقوم الاقتصاد بمثل ذلك، فالاقتصاد الصحيح يقوم على العمل والإنتاج والزراعة والصناعة والتجارة والتقنية.. ولكن الحديث للأفراد أصحاب المدخرات الصغيرة التي تخاف على أصولها القليلة من شبح التبخر والتضخم وفقدان القيمة الشرائية.
ـ تيسير الزواج على الشباب، والتركيز على “الدين والخُلق” كمبدأ أساسي في الاختيار، وعدم الإرهاق المادي عليهم.
ـ الوعظ الديني من خلال دعاة يقولون من قلوبهم كلمة الحق لوجه الله الكريم فتصل إلى القلوب؛ وذلك لتثبيت المسلمين، ومنع حالات الانتحار، واليأس، والإدمان، والانهيار النفسي.. ونحو ذلك.
ـ الصبر في الضراء، والشكر في السراء هو خُلق المؤمن.. وعليه التمسك به دوماً.
ـ التكافل الاجتماعي، والتراحم بين المسلمين خاصة، والناس عامة.. وإشاعة روح البر والصدقات مما يخفف من حدة الخوف على الرزق، والخوف من الفقر.
ـ اليقين من أن كل نفس لن تموت حتى تستوفي رزقها، وأجلها.. والاعتصام بالتقوى والجمال في الدعاء، وبذل الوسع، واستفراغ الجهد.
ـ الاستفادة من دروس التاريخ، ومن سنن الله الجارية في هذا الكون، للوصول إلى خطة رشد؛ لمواجهة أعداء الأمة المسلمة من المنافقين، وأهل الكتاب، وحكم اللصوص والخونة.
ـ التفاؤل وحسن التوكل على الله، وعدم القنوط من رحمة الله، والتعبد إلى الله بحسن الظن بحكمته ورحمته وفضله ومنته.
ونسأل الله أن يحفظ للأمة المسلمة دينها وكتابها، وأمنها ومقدراتها.. ويهديها ـ بفضله ورحمته ـ سبيل الرشاد.
***
وفي سياق آخر غير بعيد: نشر موقع “مدى مصر” ـ وهو صحيفة يسارية مستقلة إلكترونية، ولها تحقيقات جادة ـ مقالاً بعنوان: “بن سلمان يسعى لمصالحة مصرية مع تركيا والإخوان وسط تنافس خليجي لتأسيس تحالفات جديدة” جاء فيه نقلاً عن مصدر حكومي مصري.. الآتي تلخيصاً:
ـ بن سلمان يسعى ليكون هو صانع التوازن في المنطقة، وسيد المنطقة العربية، وقائد العالم السني.
ـ طموح الإمارات وسياستها دفعا بن سلمان والسيسي نحو سياسات جديدة.
ـ إدراك بن سلمان للقوى الناعمة للسلفيين، وأهميتهم في مواجهة المد الشيعي الإيراني؛ فيتجه إلى تخفيف الضغط عليهم بعد التحجيم السابق.
ـ التواصل مع قيادات الإخوان الدوليين ـ خاصة إخوان لندن ـ من أجل الوصول لصيغة جديدة، واستباق الجهود الأمريكية والبريطانية لبناء قنوات اتصال مع الجماعة، وقبول السيسي للمصالحة ـ وعدم قدرته على مقاومتها ـ نظراً لحاجته المادية لأموال بن سلمان، والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر.
هذا ما جاء في المقال نقلاً عن مصدر “مدى” الخاص، وستكشف الأيام ـ إن شاء الله ـ عن صحته من عدمه، وهل سيعود الإخوان والسلفيين إلى تموضعهم القديم قبل إعلان الحرب عليهم، أم سيتعلمون من دروس الماضي القريب.. ونسأل الله لهم ـ ولنا ـ أن يهديهم سبيل الرشاد، وأن يجعل أعمالهم ـ وأعمالنا ـ خالصة لوجهه الله الكريم.
وأقول: هذا ما دعا السيسي لموضوع “الحوار الوطني” وذلك من أجل: أن تتحمل المكونات السياسية ـ المعارضة والإخوان ـ نصيباً من تبعات الانهيار الاقتصادي، ومن أجل الخوف من حدوث انفجار اجتماعي عفوي، وربما تحقيق نصاب ديمقراطي شكلي! رغم رفض الأجهزة الأمنية لموضوع المصالحات، لكن الوضع الاقتصادي المصري قد يُحول رغبة بن سلمان إلى أوامر لا تقبل الجدال.
ومن ثم.. احتواء الإخوان والسلفيين ومحاولة توظيف كل منهما لما يخدم أجندات بن سلمان والسيسي، في مقابل إعادة نشاطهم السابق، ولكن بصورة محسوبة ومدروسة، ضمن اتفاقيات مُعينة، ويتزامن هذا من رغبة جهاز الأمن الوطني وفرع من المخابرات المصرية إنشاء تيار ليبرالي تحت اسم “التيار الحر”، من خلال حزب المحافظين بقيادة أكمل قرطام ـ والحزب يدعم المصالحة مع الإخوان، وغلق صفحة الماضي ـ ليحقق “التيار الحر” التوازن مع الناصريين، وحتى لا تُترك الساحة للتيار اليساري الناصري وحده، وحيث إن التيار الليبرالي لن يعارض بيع أصول الدولة مثل اليساريين، والدولة تتجه بقوة لبيع أغلب أصولها، بل صرّح وزير المالية المصري أن التفاوض مع الدائنين وصل لعرض بيع قناة السويس والسد العالي!!
***
وفي سياق قريب: حول ما يترتب على زيادة بايدن الشهر القادم إلى السعودية هو: إعطاء الشرعية لابن سلمان، وضمان انتقال سلس للسلطة قبل وفاة الملك، وتخفيض أسعار البترول بزيادة الإنتاج والمعروض، والهدف الأساس: تحالف السعودية مع إسرائيل، والتطبيع التام معها، وهو قائم بالفعل على كافة المستويات ـ وتعلن عنه إسرائيل من حين لآخر ـ لكن المتبقي فقط هو الإعلان، من أجل تشكيل قوة جوية (عربية ـ إسرائيلية، ناتو عربي إسرائيلي) بقيادة أمريكية لمواجهة الخطر الإيراني، وضمان الأمن القومي الإسرائيلي على حد تعبير بادين نفسه!!
وهذا سيؤدي ـ حتى بالحساب السياسي المجرد ـ إلى مزيد من إضعاف العالم العربي ـ الذي هو قلب العالم الإسلامي ـ وزيادة نفوذ وإفساد يهود، وتحكمهم في أدق تفاصيل سياسيات العالم العربي، ونهب خيراته، والسيطرة على موارده، وبالحساب الإسلامي ـ فهو بكل وضوح ـ خروج من “ولاية الله” إلى “ولاية يهود وأعوانهم”.. ولا يُنتظر من الخونة والعملاء إلا ذلك، فالذي خبث لا يخرج إلا نكدا، والحمد لله رب العالمين.
***