المصدر 
د. عطية عدلان

{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ}، دعوةٌ دعاها نبيُّ الله موسى على فرعون والملأ من حوله؛ عندما تحالفت السلطةُ مع الثروة، ووقعت بينهما مواطأةٌ على وَأْدِ الحقيقة، ونشر الفساد في الأرض، وإضلال الخلق عن سبيل الحق؛ فهل ما يجري في الأرض اليوم صورةٌ مُحَدَّثة لما وقع في التاريخ القديم فاستدعى تلك الدعوة التي أوردها القرآن؟ وهل نحن أمام آلاف النماذج الْمُحَدَّثة لتحالف قارون وفرعون وهامان؟ وهل جَسَّدَتْ العبارةُ القرآنية {وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ} هذا الخراب الذي حلَّ بهذا الكوكب بسبب طغيان المال وهيمنته على القرارات السياسية؟ وهل في القرآن حلول لهذه المعضلة؟

نماذج مُحَدَّثة فاقت القديم في بشاعتها

على الرغم من مخالفتها الصارخة للفطرة وللطبيعة الإنسانية، وتهديدها المباشر لمستقبل البشرية وللتركيبة الديمغرافية لكثير من بلدان العالم، بما فيها البلدان المشجعة عليها، وعلى الرغم من افتقارها الشديد لأيّ أساس علميّ يمكن أن يبرِّر أو حتى يفسِّر الدعوة إليها بهذه الطريقة الجنونية، وعلى الرغم من معارضة جميع الأديان وكافّة المذاهب للفكرة وما يترتب عليها من سلوكيات، على الرغم من ذلك كلّه تَلْقَى الدعوة إلى المثلية دعمًا غيرَ مفهومٍ ولا مبرَّرٍ من حكومات ومؤسسات دولية؛ لا لشيء إلا لتحقيق مآرب الرأسمالية، بتقليص أعداد السكان؛ تمهيدًا لإحكام السيطرة على الإنسان. أليس ذلك أَصْرح وأَصْرخ مثال لتعانق السلطة والثروة؟

وقلْ مثلَ ذلك أو قريبًا منه في الدعم المريب لمشاريع الذكاء الاصطناعيّ؛ الذي يراد منه في النهاية هيمنة الفئة -المالكة لهذا البلاء الاصطناعيّ- على المجموع البشريّ.

كنّا من قبل -إذْ كان بسيطًا بسيطًا- نظنّ أن تعانق السلطة والثروة لا يتبدى إلا في الملَكِية ، التي تحوزهما في العادة ، فلما تقدمَتْ بنا الحياة نحو “نفاقيّة معقدة” أدركنا صورًا أكثر عمقًا وألَمًا ، وجاء الربيع العربيّ لينينع عن وجهين شاءين ملتصقة في رأس واحد تحت قُبَّعة الجمهورية ، أحدهما: سلطة قمعية مستبدة ، والآخر: طبقة رأسمالية فاسدة مفسدة ، ظهر متصلة في الحكم وبقي الآخر في الظلّ ، حازت الثروة لنفسها ولشريكها القابع فوق الشعب بالسوط والسيف ، وظَنَنَّا وقتها -إذْ كنَّا بسطاء- أنّنا قضينا على الظاهرة ؛ حتى فاجأتنا المؤسسة العسكرية بحيازتها لكل مؤهلات فرعون وقارون وهامان مجتمعين: (السلطة والثروة والقمع) ، فَفَسْقِط في أيدينا ، ورُحنا نبحث عن المثلث ، النموذج الغربيّ ، فكانت المفاجأة التي لم تخطر لنا بِبَال ، وإن لم مفاجأةً عند من يُقال فيهم : {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} ، فانظرْ كيف صنعت الرأسمالية مع الحكومات “الديمقراطية” ؟!

صدمة الأُمَم في اقتصاد الرِّمَم

جربته في ذاته “نعومي كلاين” في كتابها “عقيدة الصدمة” ؛ “اقتصاد الكوارث” كان قد أفصح عن نفسه في مواقف كثيرة ، ومن أبرزها كارثة التسونامي ، ضرب شواطئ إندونيسيا وجاراتها عام 2004 م ؛ حيث أتاحت الكارثةُ فرصةً لمن يستثمر المصائب في تستيف الثروات ، وإذا كانت حالة الكوارث متوانية متراخية ترتيب ؛ مما قد لا يطفئ ظمأالية ؛ فلتكن الكوارث من صنع أصحاب القرار ، وهنا تأتي الطفرة المذهلة: “اقتصاد الصدمة” ، وهو يعني بكل بساطة: أن تصدم الناس بكارثة تعطيهم الأمل في مجرد الحياة ، ثم تعطيهم أمع منخفض ؛ ، وقد يصفقونقون لك ويصنعون تمثالا تمثالا ، الحروب التي تُفْتَعل الحروب التي تُفْتَعل افتعالًا ثم تَشْتعل اشتعالا ؛ السلطة والثروة ، تحالف رأس المال والحقق ما تحقق هذا ، وهل يخفى علينا ما كان يحققه “رامسفيلد” وشركاؤه من مكاسب تحققت العراق ؟

لا تندهش من اقتصاد السوق “ميلتون فريدمان” يؤسس لفكرة مفادها أنّ النيوليبرالية التي تعنيالية في الرأسمالية ، إذًا ، بالإمكان أن تتعايش مع أنظمة شمولية ، ثم “شلة” الشرق الأوسط بين الولايات الأمريكية واستخباراتها ؛ لتغيير أنظمة ديمقراطية في أمريكا اللاتينية ، ولِتَقَعَ الانقلابات العسكرية المروعة في الأرجنتين وشيلي والسلفادور ونيكاراغوا وغيرها ؛ فالعالم من الأسواق الاقتصادية.

الهولُ القادم

شركات عسكرية كبرى مثل “فاغنر” مثلًا ، وهل يعجز هؤلاء عن ذلك؟ أليست أموالُهم ، الصناديق ، خزائنها بالعصبة أولي القوة ؟! اليسوا مؤثرين في العمليات السياسية إلى منطقة التجارة الخليجية. ثمّ هل يتورعون؟ ولماذا؟ هل تشعر بالدوار من خلال تدخّل سلبي على الحياة؟ ومن المتوقع أن تجدها في المنطقة التي تحولها إلى مشكلة مشروطة ، ومن المتوقع أن تواجه مشكلة في المشكلة الدولية ، و “بلاك ووتر” التي انتددت في ليلة ايلاء حكم “بوتين” صديق مؤسسها “بريغوجين”؟

هل يضع القرآن على شكل المعضلة حلًّا؟

طباعه في شرح بني إسرائيل مع قارون ، فقد قام قارون بإصدارهم ، وما انطبقت عليه “سنّة” إلا بعد أن تحقق شرطها ، وهو أنّه بدورهم بدورهم في “الانتفاض” عليه ، وبذلوا وسعهم في زجره عن الإفساد في الأرض ، هذا أحد المحاور المهمّة ، أمّا المحور الثاني فيتمثل فيما يتعلق بالطرح ، فيما يتعلق بالطرح ، وظهور الصراع ضد استعلاء انتفاشهم: {ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمََع وَمَن وَمَن. صالِحًا} ، وما يلزم لذلك من المقاطعة الصارمة ، والاستغناء التام.